فسحة للتأمل‮ - ‬د‮. ‬
:: القسم الرئيسي :: المنتدى العام
صفحة 1 من اصل 1
فسحة للتأمل‮ - ‬د‮. ‬
فسحة للتأمل - د. حسن مدن
التي لا نظير لها
قرأت مرة أن معنى اسم بنازير الذي تحمله زعيمة حزب الشعب الباكستاني هو : التي لا نظير لها. وسواء كان لها نظير أم لا، فان هذه المرأة التي تجمع بين جمال لافت وحضور سياسي قوي برهنت، حتى الآن على الأقل، رغم وجودها في المنفى طوال السنوات الماضية، على أنها لاعب مهم في الحياة السياسية لباكستان لا يمكن لخصومها إلا أن يحسبوا لها الحساب. والدها هو ذو الفقار علي بوتو رئيس الحكومة الباكستانية الأسبق الذي انتهى نهاية مأساوية حين أطاح به قائد الجيش الجنرال ضياء الحق بانقلاب عسكري وساقه إلى محكمة قضت بإعدامه، ويروى انه قال لمنفذي حكم الإعدام فيه : قولوا لجنرالكم ضياء الحق إن ذي الفقار علي بوتو سيحكم الباكستان وهو في قبره. لم يكن الرجل يرجم بالغيب. كان واثقا من أن ابنته الفولاذية تمتلك من رباطة الجأش ما يجعلها في مستوى هذا التحدي. وماهي إلا سنوات حتى باتت الابنة الشابة رئيسة للوزراء وفي زعامة الحزب الذي خلفت والدها في قيادته. ورغم أنها خسرت السلطة تحت تأثير المكائد والنزاعات السياسية، وحملت على العيش في المنفى متنقلة بين دبي ولندن، ألا أنها على وشك عودة جديدة مظفرة. حين وقع الجنرال ضياء الحق أمر الإعدام في والدها علي بوتو، انهال »شجاعت حسين« زعيم الرابطة الإسلامية والذي كان يشغل حينها منصبا وزاريا على يد الجنرال بالتقبيل ولسانه غارق بالشكر له. ولم يكفه ذلك بل طلب القلم الذي وقع به الجنرال ضياء على حكم الإعدام واحتفظ به، تشفيا، بمنزله في صندوق ذهبي كهدية تذكارية تخلد مناسبة إنهاء حياة الرجل الذي كان وجوده على قيد الحياة يؤرقه. لكن هي الدنيا: يوم لك ويوم عليك، فبعد عامين من ذلك، قام مجهولون بإطلاق النار على شجاعت بمدينة لاهور فأردوه قتيلاً، بينما كان يرافق المولوي مشتاق حسين قاضي قضاة محكمة لاهور العليا في سيارته الفارهة. وليست المصادفة وحدها هي من جمعت شجاعت في ذالك اليوم في سيارة واحدة مع القاضي مشتاق، فهو نفسه القاضي الذي استمع إلى القضايا المرفوعة ضد ذوالفقار، ولعله من نطق حكم الإعدام بحقه. لذا يبدو أن أكثر المتضررين من الاتفاق الذي ابرم مؤخرا بين الرئيس برويز مشرف مع زعيمة حزب الشعب بنازير بوتو، هو ابنه شودري حسين الذي خلفه في رئاسة الرابطة الإسلامية، ويعد من أقوى أطراف التحالف الحاكم في باكستان منذ عام ٢٠٠٢، بعد أن انتزع من الجنرال مشرف عهدا على نفسه بأن يقتص من عائلة بوتو. ولأن الدنيا دورات وليست دورة واحدة، فان مشرف وجد نفسه محمولا على أن ينقض ما كان قد تعهد به أمام حلفائه السابقين في الرابطة الإسلامية، ويعقد صفقة مع بنازير بوتو، بموجبها يسقط عنها كل التهم، وبموجبها أيضا ستعود الابنة القوية لذي الفقار علي بوتو لتصبح مرة أخرى رئيسة لحكومة الباكستان
:: القسم الرئيسي :: المنتدى العام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى