لعبة الديوان الجديدة:حكومة في المنفى وتطهير سياسي في الداخل

من طرف الفاضل الثلاثاء أغسطس 07, 2007 1:40 am

لعبة الديوان الجديدة : حكومة في المنفي وتطهير سياسي في الداخل

عباس ميرزا المرشد

أكثر من شهر وملك البحرين يقيم بمقر إقامته في لندن، يستقبل وفودا من السفراء والشخصيات، أما الغريب في الأمر، فهو أن يحضر عدد من الوزراء هذه الاجتماعات وكأنهم في قصر الصافرية . المعلومات المتوفرة تؤكد على أن ملك البحرين قد تعرض لوعكة صحية قرر معها الذهاب بعيدا عن البلاد ويقيم في عاصمة الضباب مقر المعارضة غير المعترف بها من قبل حكومة البحرين. العاصمة لندن التي كانت وما زالت تحتضن المعارضة البحرينية أصبحت تحوي حكومة البحرين برأسها الكبير والرؤوس الصغيرة هكذا تبدو الصورة .
وبما أن لكل صورة قصة وسيرة فالبعض يتساءل لماذا اختار ملك البحرين عامة الضباب مقرا لحكومته ولماذا ترك البحرين وهي تعاني من لهيب الصيف وتكرار مسلسل انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وهل هناك ثمة تحضيرات جديدة لما هو قادم في الشتاء؟
هذه الأسئلة سبقتها أسئلة عديدة تتعلق بصحة الملك وصدق الإشاعات المنقولة عن أزمته الصحية الخطيرة والتي وصلت بالبعض إلى ترويج خبر وفاة الملك؟
الديوان الملكي وباختياره طريق الصمت واللعب بالصور والأخبار يفتح بدوره العديد من الأسئلة أيضا، فلماذا يظهر رئيس الوزراء خليفة بن سلمان من جديد يملئ الصفحات الأولى من كل جريدة بعد أن اقتصرت أخباره على أقل من ربع الصفحة الثانية ؟
جزء من لعبة الخفاء المقدس، هو السماح لبعض جهات المعارضة والناس بالاجتهاد الخاطئ في أخبار صحة الملك، من أجل كسر مصداقيتهم الخبرية وكسر الثقة التي تحضي بها وسائل إعلام المعارضة فكلنا يتذكر الأخبار التي كانت تصدر عن حالة رئيس الوزراء خليفة بن سلمان منذ بداية الثمانينات وتأكيد بعض جهات المعارضة آنذاك بإصابته بمرض سرطان الدم وكيف تسنى للحكومة أن تعلب بهذه الشائعات لتقوية جدارها الإعلامي قبال جدار المعارضة. وجزء آخر هو تقديم معلومات قد لا تكون صحيحة من اجل خلط الأوراق مجددا وتضيع بوصلة العمل السياسي.
قد تشكل هذه الورقة جزءا بسيطا من أرواق عديدة يعدها الديوان الملكي للمرحلة القادمة حيث ترتفع مؤشرات ارتفاع نسب المهاترات السياسية بين مجلس النواب والحكومة وفي مثل هذه الحالات عادة ما تكون ورقة الملك هي الفيصل لكونه يعلب دور الحكم والقاضي والماسك بزمام الأمور .
لنرى الآن بعضا من تلك الأوراق، أولى تلك الأوراق ما يطلق عليه بالتحالف الحكومي مع الإخوان المسلمين والسلف مقابل القوى العلمانية والشيعية. فتقريب الحكومة للشق السني وإضعاف الدور الديمقراطي و الشيعي بات محل إدانة دولية ومحط تقارير عديدة صدرت في الآونة الأخيرة تحذر من هذا التقارب وتشير بصراحة إلى تغلغل نفوذ الإخوان المسلمين في أجهزة الدولة السياسية والاقتصادية كان آخرها رسالة الاتحاد الدولي للصحفيين إلى ملك البحرين وكذلك اتحاد الصحفيين العرب حيث أكدوا على خطر هذه المجموعة على الحريات العامة وعلى سلامة الأمن الداخلي .
الديوان الملكي قام بعدة خطوات تحمل بعضا من الرد على مثل هذه التحذيرات منها منعه محمد خالد نائب الإخوان المسلمين من ممارسة الخطابة و إدارة الخلاف مع الأوقاف السنية مع خطباء جماعة الإخوان المسلمين، والإيعاز إلى النيابة العامة بتوقيف رجل الدين الأزهري أحمد المحمود بتهمة التحريض على كراهية النظام وهذا الأخير محسوب على جمعية التربية الإسلامية التي تسعي إلى التقرب أكثر إلى الديوان الملكي ومزاحمة الإخوان المسلمين والسلف على منابر خطب الجمعة.
في المؤتمر الذي انعقد في إثينا نهاية الشهر الماضي أثيرت هذه القضية بشكل حازم وطالب المؤتمرون حكومة البحرين بوضع حد لنفوذ الإخوان المسلمين والسلف الذي هو نفوذ حكومي وليس نفوذ شعبي .
ما من شك أن الديوان الملكي غير مستعد حتى الآن لتخلي عن هذا التحالف الذي يعتبره تحالف استراتيجي يغذي سياسية التشطير العمودي للمجتمع ويغذي الانقسام السياسي ويمنع أي تقدم في مسيرة العمل السياسي المؤسساتي فالإخوان المسلمين ومن خلفهم السلف يمثلون حائط الدفاع الأول لإفشال أي مقترح سياسي لا توافق عليه الحكومة كالذي حدث في مقترح استجواب عطية الله ومقترح تعديل بعض بنود اللائحة الداخلية لمجلس النواب ومقترح التعديلات الدستورية وتمرير كثير من بنود الميزانية العامة وغيرها إذ لولا هذا التحالف لما كان بمقدور الحكومة المضي في خطواتها رغم النقد الشديد لهذه المؤسسات وعجزها الحقيقي عن تقديم ما يخدم المواطنين.
نتائج هذا التحالف وتداعيات استمراره أو الحد منه سوف تظهر في أروقة مجلس النواب وقت انعقاد دورته الجديدة وبروز الصراع على رئاسة اللجان السيادية فيه وعلى وجه الخصوص هيئة المكتب.
أما الورقة الثانية وهي مرتبطة وثيقا بالورقة الأولى إذ تتعلق بالاستمرار في سياسية التميز والتهميش المنظم للطائفة الشيعية والقوى الديمقراطية المعارضة فولي العهد سلمان بن حمد يستبعد أي مواطن شيعي أو ديمقراطي من العمل في ديوانه ويفضل الأشخاص القبليين والموالين للإخوان والسلف وفي حين يستمر تنظيم الوزير عطية الله في تنظيم خلاياه من جديد وتطعيمه بأشخاص غير معروفين فإن وزارت الدولة التي كانت محسوبة على القوى الديمقراطية والشيعية أخذت في تنفيذ سياسيات الإقصاء والاستبدال كما هو حاصل في وزارة التربية والتعليم و وزارة الكهرباء والصحة.
أمام هذه الاستحقاقات كان من المفترض أن تبادر القوى السياسية إلى رفع سقف خطابها السياسي وأن تتقدم خطوة إلى الأمام في الضغط على الحكومة مستغلة دعم المنظمات الدولية، وأن تلجأ إلى المناكفة السياسية من أجل إيقاف سياسية التطهير السياسي والطائفي. إنني أتمنى على هذه القوى أن تمارس دورها التاريخي داخل اللعبة السياسية بفعالية تقتنع بها الناس وتؤمن بأن لها قوى مدافعة عنها أمام خصم شرس وعنيف وغير نزيه، ، قبل أن يأتي يوم لا نجد فيه سوى المعارضة الصوتية .