فسحة للتأمل الدكتاتور
:: القسم الرئيسي :: المنتدى العام
صفحة 1 من اصل 1
فسحة للتأمل الدكتاتور
من طرف الفاضل السبت نوفمبر 17, 2007 12:42 pm
[size=18] » المــــقالات
فسحة للتأمل - د. حسن مدن
في داخلنا ديكتاتور
اهتم المؤرخون وعلماء النفس والاجتماع والسياسيون بدراسة ظاهرة الديكتاتور أو الفرد الطاغية، الذي تتجمع في يديه سلطات مطلقة يستخدمها أسوأ استخدام بحيث لا يتردد عن اقتراف المجازر والتصفيات الجماعية وإبادة الأبرياء. المؤرخ ورجل السياسة أقرب في التحليل إلى معاينة الظروف التاريخية ومستوى التطور الاجتماعي السياسي للبلد الذي أفرزته ظاهرة الديكتاتور كما فعلوا مع هتلر وموسوليني وبول بوت وبينوشيت. أما علماء النفس فيجنحون إلى دراسة السيرة الذاتية لهؤلاء لتحديد العوامل التي أسهمت في تكوين مركبات النقص أو العقد التي حكمت سلوك هؤلاء عندما كبروا وتدرجوا في سلالم السلطة حتى وصلوا قمتها، منساقين وراء مشاريع جهنمية حتى لو غلفوها بشعارات براقة، وأحيانا بمضامين تبدو في الظاهر ذات طبيعة ثورية، كما هو حال بول بوت في كمبوديا، الذي قاد عبر فصائل الخمير الحمر واحدة من أكثر جرائم الإبادة بشاعة، وكان محيراً كيف تحول قائد النضال الوطني ضد الفرنسيين ثم الأمريكان إلى جلاد وقاتل للملايين من أبناء شعبه؟ فكرة الديكتاتور مؤرقة بالفعل، ويبدو أنها لا تقتصر على كبار الطغاة، وإنما تشمل طوابير واسعة من صغار الطغاة الموجودين بيننا. وتبدو فكرة »الديكتاتور الصغير« الذي يسكن ذات الواحد منا نتاج ميراث طويل من التربية السياسية الخاطئة التي قمعت في دواخلنا فكرة التسامح والأريحية. وهذا الديكتاتور الصغير يكبر بالتدريج كلما اشتدت قبضة الشخص المعني: راقب بعناية كيف يتصرف أصغر موظف مع من هم أدنى منه رتبة، ولاحظ كيف أن درجة تعسفه تكبر شيئاً فشيئاً كلما ازداد عدد مرؤوسيه، ثم راقب الموظف المقهور في عمله، وانظر كيف يتصرف في بيته مع زوجته وأطفاله، ستجد الديكتاتور الصغير يطل برأسه. قليلون هم أولئك الذين يستطيعون قهر هذا الديكتاتور في ذواتهم وربما وأده أيضا وهو في المهد، أما الأغلبية فتخفق في ذلك، لأن العطش لممارسة السلطة متأصل في الذوات. وما أن يتيسر للواحد من هؤلاء مقدار منها ولو محدود، حتى يسعى للتمدد فيه لأن بعض السلطة يثير الشهية للمزيد منها!
nt]
فسحة للتأمل - د. حسن مدن
في داخلنا ديكتاتور
اهتم المؤرخون وعلماء النفس والاجتماع والسياسيون بدراسة ظاهرة الديكتاتور أو الفرد الطاغية، الذي تتجمع في يديه سلطات مطلقة يستخدمها أسوأ استخدام بحيث لا يتردد عن اقتراف المجازر والتصفيات الجماعية وإبادة الأبرياء. المؤرخ ورجل السياسة أقرب في التحليل إلى معاينة الظروف التاريخية ومستوى التطور الاجتماعي السياسي للبلد الذي أفرزته ظاهرة الديكتاتور كما فعلوا مع هتلر وموسوليني وبول بوت وبينوشيت. أما علماء النفس فيجنحون إلى دراسة السيرة الذاتية لهؤلاء لتحديد العوامل التي أسهمت في تكوين مركبات النقص أو العقد التي حكمت سلوك هؤلاء عندما كبروا وتدرجوا في سلالم السلطة حتى وصلوا قمتها، منساقين وراء مشاريع جهنمية حتى لو غلفوها بشعارات براقة، وأحيانا بمضامين تبدو في الظاهر ذات طبيعة ثورية، كما هو حال بول بوت في كمبوديا، الذي قاد عبر فصائل الخمير الحمر واحدة من أكثر جرائم الإبادة بشاعة، وكان محيراً كيف تحول قائد النضال الوطني ضد الفرنسيين ثم الأمريكان إلى جلاد وقاتل للملايين من أبناء شعبه؟ فكرة الديكتاتور مؤرقة بالفعل، ويبدو أنها لا تقتصر على كبار الطغاة، وإنما تشمل طوابير واسعة من صغار الطغاة الموجودين بيننا. وتبدو فكرة »الديكتاتور الصغير« الذي يسكن ذات الواحد منا نتاج ميراث طويل من التربية السياسية الخاطئة التي قمعت في دواخلنا فكرة التسامح والأريحية. وهذا الديكتاتور الصغير يكبر بالتدريج كلما اشتدت قبضة الشخص المعني: راقب بعناية كيف يتصرف أصغر موظف مع من هم أدنى منه رتبة، ولاحظ كيف أن درجة تعسفه تكبر شيئاً فشيئاً كلما ازداد عدد مرؤوسيه، ثم راقب الموظف المقهور في عمله، وانظر كيف يتصرف في بيته مع زوجته وأطفاله، ستجد الديكتاتور الصغير يطل برأسه. قليلون هم أولئك الذين يستطيعون قهر هذا الديكتاتور في ذواتهم وربما وأده أيضا وهو في المهد، أما الأغلبية فتخفق في ذلك، لأن العطش لممارسة السلطة متأصل في الذوات. وما أن يتيسر للواحد من هؤلاء مقدار منها ولو محدود، حتى يسعى للتمدد فيه لأن بعض السلطة يثير الشهية للمزيد منها!
nt]
الفاضل- وليد (نشيط)
- عدد الرسائل : 330
تاريخ التسجيل : 08/06/2007 -
مواضيع مماثلة:: القسم الرئيسي :: المنتدى العام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى